يحكي إن يوم من الأيام كان هناك بائع ميسور الحال وكان يكسب قوت يومه من بيع الزيت لأهل مدينته ، إلا أنه كان غير راض بحاله ، وكان يطمح دائماً إلى الثراء والغنى ، وذات يوم فكر بائع الزيت في نفسه قائلاً : سوف أقوم بخلط كل زيت غالي الثمن بزيت آخر رخيص وهكذا تزيد كمية الزيت لدي وأبيعه بسعر أعلى .
وبالفعل قام الرجل بتنفيذ خطته الخبيثة وخلط الزيوت وحتى يجذب الناس إليه في البداية خفض السعر قليلاً ، وفي يوم من الأيام جاءه رجل يصنع الصابون وقال له : أريد شراء زيت يمكنني استخدامه في صناعة الصابون ، فقال له البائع في ثقة كاذبة : إن لدي أفضل وأجود أنواع الزيوت في المدينة فخذ منها ما تشاء ، اشترى صانع الصابون كمية من الزيوت المخلوطة وهو لا يدري ، وعاد إلى منزله سعيداً إنه اشترى الزيت بسعر منخفص وبدأ بصنع كمية الصابون التي سيقوم ببيعها للناس في اليوم التالي ، وبالفعل صنع الرجل كمية كبيرة من الصابون وشعر بالامتنان للتاجر الذي باع الزيوت له بسعر منخفض ، حيث قرر أن يكون هو أول من يستخدم هذا الصابون وقال في نفسه : سوف أهدي بائع الزيت بعض القطع من الصابون مقابل إكرامه لي في السعر .
اتجه صانع الصابون إلى بائع الزيوت وقدّم له هدية ، ففرح الرجل كثيراُ بالهدية وذهب إلى منزله واستخدم الصابون قبل أن ينام وفي الصباح شعر بحكة شديدة في يده ، وقد لاحظ إن جلده أصبح خشناً وجافاً ، صرخ الرجل : ما هذا ؟ جلدي يكاد يحترق ، وأخذ يبكي من الألم .
ذهب بائع الزيوت إلى الطبيب يستشيره في أمره ، فأخبره الطبيب إنه مصاب بالتهاب جلدي بسبب استخدام صابون رديء النوع ، فغضب الرجل بشدة وأخذ الصابون وذهب إلى القاضي وشكا له صانع الصابون فأحضر القاضي صانع الصابون لينظر في تهمة بائع الزيوت إليه ، فأنكر الرجل التهمة وقال : إنني أصنع الصابون لجميع أهلي وأهل المدينة ولم يشك أحد يوماً من الصابون الذي أصنعه ، أنا أعرف من غشنا فليس منا فكيف لي أن أغش شعر القاضي بصدق صانع الصابون ولكن مرض صانع الزيوت يدل على عكس ذلك ، فقرر بحبس صانع الصابون حتى تظهر الحقيقة .
ولكن كان في مجلس القاضي رجل يعرف العطارة وقد شعر إن الرجل مظلوم وبريء فقال للقاضي : أنا أريد أن أفحص الأدوات التي صنع بها هذا الرجل الصابون ، وبالفعل عندما فحصها الرجل عرف إن الزيت المصنوع منه الصابون غريب الرائحة والملمس ففهم إنه مغشوش وإنه سبب ما أصاب جلد الرجل .
صاح صانع الصابون على الفور : لقد اشتريت هذا الزيت من ذلك الرجل يا سيدي القاضي وأشار إلى الشاكي ، نظر الجميع إلى بائع الزيت وقد اتضحت الصورة للجميع فحاول الرجل أن يدافع عن نفسه ، سيدي القاضي أنا .. أعني .. لم يستطع أن يدافع عن نفسه وبدأ يتلعثم في الكلام فعرف الجميع الحقيقة وقال له القاضي أرى إنك لا تجد ما تبرر به فعلتك .. لقد بعت الرجل زيتاً مغشوشاً فصنع منه صابوناً سيئاً وكنت أنت اول من تأذى منه ، إنه جزاء فعل .
منيرة مبارك العازمي
11 أ 1